ماهية النظام السياسي


ماهية النظام السياسي:

تعددت المسميات في الكتابات الغربية التي تناولت مصطلح النظام السياسي، فقد عُبر عنه بــ:Political System، Political Regime، Government. الفكر الغربي يفرق بين مصطلح Government كمرادف للنظام السياسي، وبين مصطلح الحكومة كمرادف لمصطلح الوزارة Cabinet، وهي إحدى مؤسسات النظام السياسي أو المؤسسة التنفيذية للنظام، ومن أهم سمات النظام السياسي الفارقة له عن النظم الأخرى أنه يقوم على أساس علاقة بين حكام ومحكومين. 

وظاهرة السلطة هي التي تُضفي على النظام السياسي صفته وطبيعته المميزة له عن النظم الاجتماعية. 

فالنظام السياسي بصورة منفردة، عبارة عن مجموعة من العمليات والظواهر والضوابط المرتبطة بالسلطة والوظيفة والصلاحية والنفوذ، تتفاعل وتتشابك في إطار بنائي وتنظيمي معين، يرتبط بصفة عامة بالتفاعلات المتداخلة المتعلقة بعمليات صنع القرار وإدارة الأنشطة المقترنة بالسلطة داخل المجتمع.


* يُعَرف هارولد لاسويل النظام السياسي بأنه أهم ظاهرة سياسية يتم بواسطتها تحديد من يحصل على ماذا، ومتى، وكيف؟. 

لاسويل يختزل النظام السياسي في بعده الوظيفي، وينهج منهجاً سلوكياً حين يؤكد على أن تحليل النظام والسياسات يتطلب التعرف على طبيعة النخبة داخل النظام السياسي، وهذا بالضرورة يقتضي تناول الخصائص الشخصية كالسمات والمهارات وتأثير الأبعاد الاجتماعية، وتعريفه مستمد من نموذجه الاتصالي، الذي يرى أن عملية الاتصال السياسي أو الرسالة الإعلامية قد لا تتحقق إلا إذا قمنا بتحديد من الذي (يقول) ماذا (إلى) من (عبر) أي وسيلة (ما هو) التأثير المستهدف.

* يرى كارل دويتش متأثرا بنظرية الاتصال أن النظام السياسي هو نظام اتصال يتسم بالقدرة على توجيه سلوك الفرد الذي يعتبره دويتش الوحدة الأساسية للتحليل السياسي، وإن النظام السياسي لديه يقوم بعدة وظائف منها: ما يرتبط بالأهداف التي يسعى النظام لتحقيقها، ومنها ما يرتبط بالحفاظ على وحدة النظام واستمرار يته، ومنها ما يرتبط بالتكيف مع البيئة الداخلية والخارجية، ومنها ما يرتبط بتكامل وظائفه.

* أما ماكس فيبر ينطلق في تعريفه للنظام السياسي من المدخل الوظيفي ويربط بينه وبين عنصر القوة، ويرى أن النظام السياسي هو الذي يحتكر أو يمتلك حق الاستخدام الشرعي للقوة. كما يربط بين عنصر الشرعية الذي يُخول حق استخدام القوة ويؤكد أن شرعية النظام قد تتحقق من خلال ثلاثة مصادر:

١- مصادر بدائية تتمثل في التقليد والأعراف والموروث الثقافي والديني لدى الأفراد داخل المجتمعات غير المتطورة (التقليدية الثيوقراطية).

٢- السمات الشخصية مثل التفوق والبطولة والخلق الحسنة التي يتسم بها بعض القادة أو الزعماء، تلك التي تضفي من القبول والتأييد الذي يتحول إلى درجة ما من الشرعية (الكاريزما)، وهي ترتبط بالمجتمعات التقليدية أيضاً.

٣- مصادر قانونية، وترتبط بالقواعد الدستورية والحدود والضوابط القانونية التي حازت على رضا وقبول المجتمع، والتي يتم من خلالها تخويل السلطات لتتحقق شرعية النظام القانونية.

* أما جبرائيل ألموند، فيرى بأنه نظام التفاعلات الذي يقوم بوظائف التوحيد والتكيف في جميع المجتمعات المستقلة، يمارس النظام السياسي تلك الوظائف باستخدام القسر المادي أو بالتهديد باستخدامه، سواء كان استخدامه شرعياً أو استبدادياً. 

* هذا في حين أن ديفيد إيستون يُعَرف النظام عموماً على أنه مجموعة التفاعلات المرتبطة بنمط سلوكي محدد. أما النظام السياسي فيُعَرفه بأنه تلك المجموعة من التفاعلات التي تحدث داخل أيّ مجتمع والتي ترتبط بما أسماه عملية التخصيص السلطوي للقيم. 

كما يعتقد إيستون أنه يمكن تحليل أيّ نظام سياسي من خلال دراسة وظائفه وتركيبه ومكوناته. 

* أما روبرت ماكيفر، عالم الاجتماع السياسي الأمريكي، فيقول في كتابه (تكوين الدولة)، أن النظام السياسي هو أداة إدارة الدولة التي تحدد السياسات وتنفذها. 

كما يدلل ماكيفر في مواقع متعددة من كتابه بأن العائلة هي النواة الأولى للحكومة أو النظام السياسي.

- كل التعريفات السابقة للنظام تَغلُب عليها النظرة الوظيفية، ويمكن الخروج منها بالتعريف التالي للنظام السياسي:

هو القيّم الشرعي على أمن وصالح الفرد والمجتمع، وهو الصانع أو الصائغ الشرعي لما يحدث فيه من تغيير، وهو المسيطر والقائم على إدارة كل موارد المجتمع بموجب الصلاحيات المُخولة له، وهو الذي يمتلك أو يحتكر حق الاستخدام الشرعي للقوة.

∆ أما النظام السياسي بمفهومه السلوكي، فهو تلك المجموعة المترابطة من الأنشطة السلوكية المقننة التي تنظم عمل القوى والمؤسسات والوحدات الجزئية التي يتألف منها أيّ كلّ سياسي داخل أيّ بناء اجتماعي.

وإذا أردنا تعريف النظام السياسي في صورته الهيكلية، نجد أنه عبارة عن: مجموعة المؤسسات التي تتوزع بينها عملية صنع القرار السياسي بشقيها التشريعي والتنفيذي. 

ومع افتراض ثبات مسئولية الجانب التشريعي للقرار وانحصارها في سلطة البرلمان في كل النظم السياسية، يمكن التمييز بين نظام وآخر، وذلك بالنظر إلى طبيعة الهيئة أو الجهة التي تتحمل مسئولية الشق أو الجانب التنفيذي للقرار. 

فعل سبيل المثال، حينما تكون المسئولية مسندة لشخص واحد، يكون النظام رئاسياً. 

وحينما تكون المسئولية مسندة لحكومة مسئولة أمام البرلمان، يكون النظام برلمانياً.


#رفعت_مهني 

#مقالات_سياسية

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال